أشار أمين عام جمعية المصارف فادي خلف، في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية عن شهر تشرين الثاني، إلى أنه "مرّت ما يقارب خمس سنوات منذ أن توقفت الدولة اللبنانية عن الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بسندات اليوروبوندز. أدخل هذا التوقف التاريخي النظام المصرفي والاقتصاد الوطني في دوامة من التعقيدات القانونية والمالية وصلت إلى حد الأزمة النظامية التي لم تنتهِ فصولها بعد. اليوم، نحن أمام محطة حرجة تتطلب إجراءات سريعة من قبل الدولة تضمن في آنٍ معاً حقوق المصارف والمودعين".

وأوضح أت المخاطر القانونية على المصارف تتمثل في فقدان الحق بالمطالبة بالفوائد، حيث أنه "وفقاً للقوانين النافذة، فإنّ حق المصارف في المطالبة بالفوائد على سندات اليوروبوندز سيسقط في حال عدم تحريك الدعاوى القضائية ضد الدولة قبل انتهاء مدة مرور الزمن البالغة خمس سنوات. هذا الواقع القانوني يضع المصارف أمام معضلة كبرى، حيث أنّ تقاعسها عن اتخاذ خطوات قانونية الآن سيؤدي إلى فقدان حقها وحق المودعين الذين أودعت سنداتهم لديها في استرداد الفوائد المستحقة".

ولفت خلف إلى أن "الأخطر من ذلك، أنه في حال مرور ست سنوات دون رفع دعاوى قضائية على الدولة، ستسقط أيضاً حقوق المصارف في المطالبة بأصل هذا الدين. هذا الوضع يشكل تهديداً مباشراً على حقوق المودعين الذين أودعوا أموالهم في المصارف، وعلى حقوق المساهمين، مما يضع المصارف في موقف لا يمكن التهاون بهى".

وأشار إلى التريث في البدء بالإجراءات القانونية، موضحا أنه "رغم أنّ رفع الدعاوى القضائية ضرورة ملحّة للحفاظ على الحقوق، إلا أن المصارف تريثت حتى الآن إذ إن إجراءً كهذا قد يحمل في طياته تبعات جسيمة على الاقتصاد الوطني.

ومن هذه التبعات، أشار خلف إلى إثقال كاهل الدولة، ففي حال قررت المصارف رفع دعاوى قضائية ضد الدولة، فإنّ ذلك سيضع مزيداً من الضغوط على ما تبقى من أصول الدولة. وقد يؤدي ذلك إلى نتائج تعجز الدولة عن تحملها.

كما لفت إلى التأثير السلبي على الاقتصاد، حيث أن رفع الدعاوى من قبل المصارف المحلية قد يؤدي إلى تحريك المياه الراكدة وتحفيز حملة السندات الدوليين على اتخاذ إجراءات مشابهة، مما يفاقم الأزمة بدلاً من حلها.

وأوضح أنه من التبعات خسارة الوقت والمصداقية، فأي تأخير أو مماطلة من قبل الدولة سيدفع المصارف إلى التسريع في اتخاذ هذه الخطوة للحفاظ على حقوقها، مما يعقد المشهد ويضع الجميع في مواجهة لا تحمد عقباها.

وفي الحلول المقترحة، قال خلف "إدراكاً لحجم التحديات، قامت جمعية المصارف بسلسلة من الاتصالات المكثفة وعلى أعلى المستويات مع الجهات الرسمية، بهدف التوصل إلى حلول قانونية تُجَنِّب المصارف الاضطرار إلى اللجوء إلى القضاء".

ورأى أن الوضع حتى الآن يمكن تلخيصه بالتطمينات الرسمية، إذ "حصلت الجمعية على تطمينات مبدئية من الجهات الحكومية بشأن إيجاد حلول قانونية لتمديد المهل الزمنية تفسح المجال أمام معالجة الوضع بطريقة متوازنة. إلا أنه لم تتّخذ أية إجراءات تنفيذية من قبل الدولة حتى الآن".

وتابع خلف "ما زالت جمعية المصارف تسعى مع الجهات المعنية للتوصل إلى آلية قانونية تتيح تمديد المهل الزمنية والتوصل إلى حلول تضمن حقوق المصارف ومودعيها من جهة كما وتمنح الدولة الوقت اللازم للتعافي المالي".

وشدد على أن "في ظل هذا الوضع الحرج، تبرز الحاجة الملحّة لتحرّك الدولة بجدية وعلى وجه السرعة عبر إصدار القوانين بصورة طارئة، حيث ينبغي للسلطة التشريعية أن تتحرك فوراً لإقرار القوانين التي تعالج هذه الإشكالية، بما يضمن عدم ضياع حقوق المصارف والمودعين.

كما شدد خلف على "تعزيز الحوار بين الأطراف المعنية"، موضحا أنه "يجب أن تُستتبع أية معالجات آنية بحوار شفاف ومفتوح يجمع بين الدولة والمصارف وحملة السندات المحليين والدوليين للوصول إلى حلول عادلة ومستدامة".

وقال إنّ "التحديات التي تواجه المصارف والدولة على حد سواء تتطلب تعاوناً وثيقاً وحلولاً مبتكرة. لا يمكن للمصارف أن تتحمل مسؤولية التقاعس عن المطالبة بحقوقها، ولا يمكن للدولة أن تدير ظهرها لهذه المشكلة المعقدة. المطلوب اليوم هو قرارات جريئة، وإجراءات عملية، خلال النصف الأول من شهر كانون الثاني 2025 على أبعد تقدير، وذلك قبل أن يصل الجميع إلى نقطة تضطر فيها المصارف إلى القول للدولة: "مرغماً أخاك لا بطل".